حورية البحر

Màu nền
Font chữ
Font size
Chiều cao dòng

تحت ضوء القمر الساطع و بين الأمواج المتلاطمة تهادى مركبنا في عرض البحر تحت خارطة النجوم المتناثرة كالآلىء على قطعة مخملية.

أطبق السكون على كل شيء فجأة. هدأت الريح و إستقر المركب و غرق البحارة في نومٍ عميق كاد يكون سباتاً سحرياً. أما أنا فكأنما النوم كان حبيساً عني تلك الليلة، استسلمت لهواجسي و افكاري.

نهضت من فراشي متجاوزاً رفاقي سائراً بخفة إلى أن أمسكت بالسارية في مؤخرة السفينة بعيداً بعض الشيء عن البحارة. كانت صفحة الماء ساكنةً كالمرآة عاكسة لكل ماعليها، سرحت فيها قليلاً إلى أن بدى لي شيء يتحرك من تحت الماء. أمعنت النظر علَّ النعاس هو السبب لكني كنت متأكداً مما رأيت.

سمكةٌ كبيرة أو قرشٌ جائع، قلت في نفسي. كانت تدور في حلقات حول المركب تختفي لتعود من جديد، تلمس بطرف زعنفتها الذهبية الامعة سطح الماء وتغوص في السواد العميق. إبتسمت فقد شغلتني سمكة في هذا الليل عن النوم الثمين وهممت بالعودة لفراشي إلى أن هويأ لي أني لمحت شيأً يبزغ من الماء بطرف عيني. بحذر عدت خطوتين و إلتفت. تملكني الخوف لثوانٍ و أحسست بأني بالكاد أتنفس إلا أن أنفاسي كانت قد خُطِفت لعجب ما رأيت.

في وسط صفحة الماء المترقرة إستقرت فتاة بغاية الجمال، أو ما خلتها فتاة. غطى شعرها الأحمر جزأً من جبينها و جسدها و كأنما كان ردائها. تلألأ جلدها شبة الشفاف تحت ضوء القمر و بالرغم من ظلمة قعر البحر إلا أني رأيت مابدا كزعنفة حمراء كبيرة أسفل منها تتحرك لليمين و لليسار في حركة متناغمة.

هل أنا في وعيي؟ نظرت لرفاقي النيام، رغبت بإفاقتهم إلا أني علمت أني إن فعلت هربت تلك الفتاة أو السمكة او أياً كانت، لذلك لم افعل شيأً بل بقيت مكاني أدرس تفاصيل ذلك المخلوق العجيب.

إقتَرَبَت أكثر فإقتربت بدوري، إتضحت لي ملامحها، كانت لاتشبه أي إمرأةً شاهدتها في حياتي لكنها كانت بالتأكيد حسناء. لون عينيها الأخضر بدى كقطعة من الزمرد. تزين شعرها بأصدافٍ و مرجان أحمر و بعض اللاليء.
تَبَسَمت رافعةً نفسها لي وهي تحرك زعنفتها بقوة، تسمرت فلم أستطع الحراك . مدت يدها و أمسكت خداي بين راحة كفيها المبتلان. لم اجفل بالرغم من غرابتة خلقتهما ، فقد كسا الجلد اللين ما بين أصابعها و نمت زعنفة شوكية من رسغها لكوعها.

"لاتخف" قالت بحنان ولهفة " لن أؤذيك!"

فجأة قاطع ذلك السكون صرخ أحد الرجال "الآن!"

ما إن إلتفتنا وإلا بالسهم الضخم يخترق صدرها ويطرحها ارضاً. تزحلقت بدمائها الساخنه. ضممتها وابتعدت بها عنهم صارخاً "لا". أنت بين ذراعيي فإبتعدت أكثر عن البحارة الهائجين. كانت وجوههم متجهمة خائفة فقد جهلوا ما كان ذلك المخلوق على متن قاربهم ممسكاً بصاحبهم.
نظرت إليها وقد ملأ الدمع عيناي، خنقتني عبراتي فقد تسببت بقتل أجمل و أغرب مخلوقٍ رأيت!

"ما كان علي الإقتراب" بالكاد هَمَسَتْ.

" لا أرجوكِ لاتموتي" قلت بحرقة غير واعٍ لما أقول.

أزل السهم..." قالت بألم وقد تناثرت زينة شعرها على الأرض من حولنا مختلطة بالدماء، ثم أكملت "أعدني لموطني لا أريد أن أموت هنا!" قالت و قد بدأ لون شعرها و أطراف زعانفها يتغير للسواد.

وقفت بصعوبة. أحسست بعظامي تنتفض وهي بين يداي. تلهف البحارة لما سأفعل، وقد غالبهم الظن أني أمسكتها لهم فتعالت صيحاتهم الحماسية.

أسندتها بيد و قبضت على الرمح بيدي الأخرى. همست لها ثم سحبت الرمح و بسرعة رميتها في البحر بكل ما أوتيت من قوه متجرداً من كل مشاعري.

فوجىء البحارة وصرخ بعضهم رافضين لإفراطي بالفريسة السهلة.

"ماذا قلت لها؟" سأل الصبي المتعجب البحار العجوز وقد خلفت السنين علاماتها على محياه المرهق.
شرد الرجل قليلاً ثم أجاب "سامحينا".

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen2U.Pro