الفصل السادس

Màu nền
Font chữ
Font size
Chiều cao dòng

انتهت(فُله)من الطعام ونفضت يديها قائلة بشبع:
-الحمد لله يا باشا تسلم ايدك.
ابتسم(يحيى):
-بالهنا يا(فُله).
ثم أعقبها بسؤاله:
-قوليلي بقى حكايتك ايه؟
عادت(فله)بظهرها للخلف لتتنهد بعمق:
-هااا حكايتي حكاية يا باشا. أنا أمي ماتت و أنا عندي سنة ونص أبويا قالي إنها ماتت غرقانه في الترعة وكل أهل الحارة قالوا كده. بس الديابه سحبتها و كلتها ومبقاش منها إلا اسم الله على مقامك فردة من الجزمة بتاعتها .
الله يرحمك ياما.

تعجب(يحيى)من قصة(فله)التي أكملت:
-أبويا يبقى المعلم(طاهر)فتوة الحارة بتاعتنا و شديد معايا حبتين. بس بيحبني بردو ما أنا بنته. علمني النشل من و أنا في الابتدائية قالي بنتي تبقى متعلمه وتنصب صح. لغاية ما دخلت الكلية و كنت بسرق بردك و أهو معنديش غير النشل يا باشا من ساعة ما اتخرجت.
نظر(يحيى)إلى ساعته ليجدها أنها تشير إلى السادسة والنصف مساءً لقد تأخر، قام من مجلسه:
-طب كفاية يا(فُله)و نتقابل مرة تانية عشان أتأخرت قق...قصدي عندي شغل. هنتقابل نفس اليوم في نفس المعاد ده.
هزت(فُله)رأسها مردده بدهشة وهي تقف:
-نتقابل تاني؟! ليه يا باشا؟
نظر إليها(يحيى)بصرامة:
-عايز أعرف بقيت حكايتك؟ فيها حاجه دي؟
ثم أشار إليها مهددًا:
-و لو مجيتيش يا(فُله)في معادك هروح القسم و أجيبك. سمعاني؟

أومأت برأسها وأكدت وهي تشير إلى نفسها:
-و الله ما هيحصل يا باشا دا أنا كلمتي شرف. سلامو عليكو يا...
إلا بالحق اسمك ايه يا باشا؟
حك(يحيى)ذقنه مفكر لثانية حتى قال:
-(مازن).
ابتسمت(فُله):
-عاشت الأسامي يا(مازن)باشا.
ثم رفعت أطراف كفها لمقدمة رأسها مودعه إياه:
- سلامو عليكو.
وتركت(يحيى)مختفية في وسط غياهب العربات المزدحمة، أخرج هاتفه ليكتشف أن(ليلى)هاتفته أكثر من عشر مرات ووالدته هاتفته أكثر من ثلاث مرات.
هتف بقلق:
-يا نهار أزرق.
أعقبها باتصاله لوالدته:
-أيوة يا ماما...
زفر بعدها بضيق لهتافها بالهاتف:
-خلاص يا ماما لما أرجع أنا جاي خلاص نص ساعة و أكون عندك. باي.
تنهد براحة بعدما أغلق معها ثم وجد رسالة من(ليلى):
-"(يحيى)متزعلش مني أنا مكنش قصدي الكلام اللي قلته و إنتَ عارف أد ايه أنا متسرعة في رد فعلي و عشانك رجعت بدري.
علت على شفتيه بسمة محببه:
-بردو مش هكلمك دلوقتي أخلص مع ماما و بعدها أفضالك.
**********
عادت(فله)ومعها حقيبتها المليئة بالمسروقات التي سرقتها قبل أن تقابل الضابط(مازن)، مرت بجانب متجر صغير كان(صغنن)يبتاع منه علبة تبغ ولم يدفع ثمنها بالطبع، ناداها:
-كدهو معدية من غير لا سلام و لا كلام يا(فُلتي)؟
وقفت(فُله)لتدور ناظرة إليه من قدميه إلى منبت رأسه باستهزاء:
-إيه ده هو انتَ موجود أصلاً؟ سبحان الله مشفتكش.

احمرت أُذنيه ملوحًا بكفه في الهواء بحنق:
-ليه هوا أنا؟ دا أنا(صغنن)اللي أصغر حد في الحارة لأكبرها بيعمله ألف حساب.
وضعت(فُله)سبابتها أسفل ذقنها وهي تقترب منه ساخرة:
-و أنا مش منهم يا(صغنن).
ثم أزاحته من كتفه وهي تتمايل بخفة:
-إوعى كده من سكتي.
راقبها(صُغنن)وهو يحترق من داخله:
-و حياة حبي ليكي يا(فُله)لتكوني بتاعتي وساعتها.
أعقبها بالعض على شفته السفلى ونظرة مليئة بالشهوة.
**********


وقف(مؤمن)على منصة عالية في وسط فرح كان يحييه:
-الناس الحلوة بتاعتنا هيبسطوا عريسنا و عروستنا.
جاء عليه رجل ضخم الجُثة أكتافه العريضة ظاهره من جلبابه السكري وهو يرفع ذراعه ليرحب بالحضور هتف(مؤمن)بحماس:
-المعلم(فرج)يعني الخضار الطازه وكل ما لذ  طاب وسمعني سلام سوق الخضاااااااااااااااار يا أطرااااااااااااش...
ضرب (أطرش)على طبلته وشعره الملتوي يهتز معه وكأنهما على وتيرة واحدة والمعلم(فرج)يرقص فرحًا مع صياح الحضور حتى رفع(مؤمن)يده لتقف الموسيقى:
-والمعلم(بشندي)يعني الطيور النفاثة و أحلى فراخ و حمام و بط لأهالي منطقة"زيزينيا"و سمعني سلام"طيور الظلام"يا أطراااش.
بعد صعود المعلم(بشندي)الذي لم تختلف بنيته عن(فرج)بخلاف الشارب الضخم أسفل أنفه وبعد رقصهما معًا جاءت(فتون)لترقص وسطهما وانضمام العروسين لهما ثم انتهى الفرح بشُكر(بشندي)والد العريس ل(مؤمن):
-تسلم يا(أوسكار)صدق ما قالوا عنك واد ابن جنيه صحيح خليت الفرح يلعلط فلوس و النقوط بتنزل زي الرز و الله ما خسارة فيك القُوبيل...
أقرنها بوضع يده بجراب خفي داخل جلبابه ليخرج حافظته المكتنزة بالنقود
وأخرج المتفق عليه ليعطيه إلى(مؤمن)الذي أخذهم ببسمة واثقة وهو يحصيهم:
-تسلم يا معلم(بشندي)وصحيح الكرم من طبعك زي ما قالوا عنك و ايه ده؟
وجد(مؤمن)أن هناك زيادة في النقود ب مائتان جنية ورفعهم قائلًا بدهشة:
-200 جني زيادة يا معلم؟
ابتسم(بشندي)بحفاوة وهو يملس على شاربه:
-مش خسارة فيك. الأكل خليت رجالتي يلفوهالكم في ورق سولوفان عشان يفضل سُوخن.
شكره(مؤمن)وهو يضع النقود الزائدة فوق نقوده:
-تسلم يا أبو الكرم كله. بالإذن.
ذهب(مؤمن)إلى فرقته ومن ضمنهم(فتون)التي أتت إليه ببسمة ذات مغذى وبسطت كفها بميوعة:
-ال(money)بتاعي يا أستاذ(أوسكار).

نظر إليها(مؤمن)مستنكرًا:
-إيه يا بت الشجاعة دي جاية تطلبي مني الفلوس كده قبل ما أوزعها على الفرقة؟ روحي يا ماما الله يسهلك.
نظرت إلأيه(فتون)مع شهقة عدم رضا ليرفع
احدى حاجبيه بتحدي:
-طب ايه رأيك إنك آخر واحدة هتاخدي حقك؟
تعصبت(فتون)وشهقت باستهجان:
-جري ايه يا خويا مالك كده مفرود عليه و مش طايقلي كلمة؟ أنا عايزة فلوسي الموني بتاعي مغلطتش لما طلبتها منك قبل الفرقة يا عيني؟
ضحك(مؤمن)بسخرية وهو يحك في ذقنه:
-و الله و الألاضيش بقا ليها حق تعيش؟
ثم تحولت ملامحه لغضب مفاجئ ليقبض على يدها ويقربها من أنفاسه التي جعلتها ترتعش من فرط قوته:
-بصي بقى يا(فتون)عايزة تاكلي عيش بطلي تلفي و تدوري حواليه مش عليه يا ست ملهاش عازه فهمتي الكلام و لا أطبقهولك عملي؟
رفعت ناظريها بخوف والتقت عينيها بجمرتين من الأزرق القاتم فلأول مرة تراه بهذا العنف حتى حاولت ضبط أنفاسها وهي تبعد رسغها من بين قبضته بصعوبة:
-حـ...حااضر يا أستاذ(أوسكار)بس انت اهدى.
زفر(مؤمن)بقوة وقد علم أن غضبه المبالغ فيه لم يكن له داع ليفرغه في هذه الأنثى المسكينة، نفض قبضته منها واقترب ليربت على كتفها بنبرة اعتذار:
-حقك عليه مش قصدي حاجه من اللي قلته معاكي أنا بس مدايق شوية ومتزعليش خدي.
أعطاها حفنة من المال لتأخذها(فتون)متعجبة من انقلاب حال ذاك المجنون الماثل أمامها لتنظر بدهشة بعد أن حصت ورقاتها النقدية:
-دول زايدين عن ال500 كمان متين جنيه؟
ابتسم(أوسكار)وهو يربت على وجنتها:
-حقك يا بت. اعتبريه عربون اعتذار.
ضحكت(فتون):
-و النبي معرف إن قلبك حنين كده يا أستاذ(أوسكار).
ثم وضعتهم داخل العباءة بكل سرور وهي تذهب لسيارتهم المجهزة حتى نظر إليها(مؤمن)بسخرية:
-البت دي دايما تنشن عليه و أنا مش طايق نفسي. نحس هقول إيه؟
*******
دخلت(فُله)إلى غرفتها لتغلق عليها وهي تتنفس الصعداء لمرورها من تحت يد ابيها بدون أخذ ضرب مبرح ولم تنال منه سوى التواء ذراع ودفعة قوية في ظهرها لا بأس لقد اعتادت هذه الأشياء منذ نعومة اظفارها، أهم شيء عليها أن تحصي غنيمتها الآن...بعد أن انتهت من يومها هذا.
وضعت النقود بنفس الجورب الأسود الموضوع بالدرج وتذكرت الضابط(مازن)، كم أسرها قوته وصرامته شعرت أن هناك رجل بمعنى الكلمة غير(صغنن)ذاك الخالي من الرجولة ويكفي نمو قرون في رأسه حتى يليق به لقب(قُرني)...ربتت على معدتها لأنها قد امتلأت وحمدت الله على اطعامها عن طريق الضابط(مازن)بالرغم من أنه كان يمكنه القبض عليها بتهمة التسول والاحتيال ولكنه فضل أن يعرف حقيقتها ولم يأخذ منها الحقيبة وهذا ما تعجبت منه كيف يتركها بالمسروقات؟ شخص غريب قابلته ظنت في أول المطاف أنها انتهت وستُلقى في السجن وبدلًا من ذلك أطعمها وطلب مقابلتها مرة أخرى. تُرى ماذا يريد منها؟
لا يجب عليها الاستعجال ولكن عليها أن تفكر جديًا فيما ستفعله في الأيام القادمة ومتى ستظل تحت إمرة المعلم(طاهر)؟
رفعت رأسها للأعلى وهي تجلس على طرف الفراش لتقول كعادة كل ليلة:
-يا رب انتَ عالم بيه و بحالي توب عليه و اهديني.
******
انتهى(أوسكار)من حساب باقي فرقته وذهب إلى فندق من الدرجة الثانية يعتاد الذهاب إليه عندما يتواجد ب(الاسكندرية)وبعد أن جلس بغرفته وغير ثيابه جلس يفكر فيما حدث بينه وبين والده لا يعلم لما غضب بهذه الدرجة الشنعاء؟
كلما ذهب إليه يقرر عدم الشجار معه أو الغضب عليه ولكن قلة قليلة إذا لم يهشم شيء من شدة غضبه؟ وهل الذي فعله والده بقليل؟
كلما نظر للمرآة كلما ابتعد عن فكرة تصالحه مع(عوض)...
صدح هاتفه بمكالمة هاتفية حتى وجدها صديقته وحبيبته ابتسم بسعادة ليجيب بكل مرح:
-(ساسو)أختي الصُغنتت الحلوة.
ضحكت(سارة)بطفولية:
-يا(ميمو)وحشتني أوي. تصدق انتَ ندل ياض؟
ردد(مؤمن)بتعجب مرح:
-ندل و ياض الاتنين يا جبارة؟
ضحكت(سارة):
-أيوة طبعاً عشان متصلتش بيه بقالك أسبوع يا حلو؟ ومسألتش على أختك الطيبة و لا ولاد أختك(قمر)و(سليم)ولا جوز أختك(كريم).
جلس على مقعده بمرح:
-يا خبر يا جودعان دا انتي شايلة و معبيه.
هتفت(سارة):
-ايوة طبعاً هي دي عايزة كلام يا(ميمو).
ثم قالت بحنو:
-هو أنا ليه مين غيرك في الدنيا دي يسأل عليه؟
تأثر من كلماتها:
-يا قلب أخوكي متزعليش.
ثم هتف بمرح:
-والله الأفراح كتير أعمل ايه الشغل بقى و برجع زي الفرخة الدايخة يا ختي.
ضحكت(سارة)على طريقته المضحكة:
-طب خلاص هسامحك المرة دي بس المرة الجاية.
قاطعها بمرح رافعًا سبابته للأعلى لجهة اليمين:
-لا يمكن تنزل الأرض أبداً.
هتفت(سارة)بمرح:
-خلاص يا حنفي عرفت .
ثم قالت بعد تردد وهي تهمس بصوت مرتعش:
-روحتله؟
عقد حاجبيه ورد باقتضاب:
-انهارده.
سألته مرة أخرى بألم:
-هو كويس؟ صحته عاملة ايه؟
ابتسم ساخرًا:
-متقلقيش كان كويس وبردو بيشرب الهباب؟

عضت على شفتها السفلى ألمًا متذكرة شيء:
-بردو؟ مفيش فايدة؟
تنهد بضيق وهو يسحب سيجارة من علبته ويشعلها:
-اه يا(سارة)مفيش فايدة؟ هنعمل ايه أبونا و قدرنا كده؟
سألته برجاء:
-ما يمكن لو سامحت...
قاطعها متعمدًا بعد أن نفخ ما بداخله لعل ناره تهدأ:
-(كريم)عامل ايه؟رجع من الشغل؟
انسابت الدموع من حدقتيها اللوزيتين:
-كويس. ما تسامحه يا(ميمو)؟
هتف بعصبيه وهو يمسح وجههُ:
-و الولاد كويسين؟
علمت(سارة)رفضه البات للتحدث في هذا الأمر وقالت بشفقة:
-حلوين يا(ميمو)نفسهم يشوفوك.

ضحك بسخرية:
-هما بردو يا(سارة)؟
بكت بحُرقة جعلت قلبه يختلج بقوة:
-انتَ وحشتني أوي يا(مؤمن)وحشني اسمك وحشني أوي.
لم يعاتبها على ندائها باسمه الحقيقي بل قال بصوت حاول جعله ثابتًا قدر المستطاع:
-انتي أكتر يا روح أخوكي من جوه.
ثم هتف بمرح ودمعة فرت رغمًا عنه لتعلن تمردها على وجنته:
- مفيش فايدة فيكي أبداً لسه بتحبي النكد؟ الله يكون في عونك يا(كريم)ياخويا.
هتفت(سارة)مستنكرة من وسط دموعها:
-أنا نكد؟ طب لما أشوفك بس. دا أنا قمر؟
داعبها بحنو:
-عارف طبعاً هو فيه أحلى منك يا قمر.
ابتسمت(سارة) مكفكفه دموعها وخلفها صوت طفليها وشجار بينهما:
-القمر صحتها راحت بسبب التوأم.
ضحك وهو يتمدد على الفراش بعدما أنهى نصف السيجارة فقط:
-طب روحي وبوسيهملي يا قمر.
ابتسمت وهي تربت على رأسيهما:
-ماشي يا(ميمو). سلام يا حبيبي.
وضع(مؤمن)الهاتف على المنضدة وتوجه إلى النافذة اتكأ بكفيه على حافتها ليفكر بعمق في بكاء شقيقته وتوسلها إليه بمسامحته لأبيهم؟
كيف هي غفرت لوالدها خطيئته؟
كيف سمح قلبها النقي هذا أن يمحو فعلته؟
شبك كفيه ووضعهما خلف رأسه لينخفض بجزعه للأسفل زافرًا بقوة، بعدها قام ليعود للخلف وكأنه يفيق من أفكاره أطفأ المصباح ليستلقي على الفراش مطلقًا آهة لعلها تريحه بعض الشيء...
وهل الذكريات تترك المرء في أحلامه؟
*****************

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen2U.Pro