الفصل الثاني|مساعد طبيب

Màu nền
Font chữ
Font size
Chiều cao dòng

وصل المهرج إلى منزله أخيرا بعد أن واجهته المئات من تلك القصاصات الملصقة في كل مكان وبشكل جنوني. هم بإدخال المفتاح في بابه المهترئ لكن سرعان ما فوجئ بانزياحه للداخل كاشفا عن كسر قفله. صدم للأمر وجن جنونه فضرب الباب مقتحما قافزا للداخل.

لم يبالي المهرج بتفقد مأثوثات منزله البالية، بل قفز نحو الباب الوحيد الموجود أمامه والمؤدي لغرفتي ابنته الصغيرة والمرحاض.

ضرب باب غرفة الصغيرة بفزع صارخا وقد كان مفتوحا:
-"آنجيليكا!".

وهنا كانت الطامة، فراش أرضي مبعثر فارغ، دمى مخيطة يدويا مرمية بجانبه، وبقعة من الدماء توسعت على الأرض ولوثت بعضها..

أنفاسه تثاقلت وضربات قلبه كادت تتوقف، وحيدته ليست هنا..

تشوشت رؤية المهرج وكاد أن يفقد توازنه، كادت أن تصيبه جلطة في قلبه لهول صدمته، أين عساها أن تذهب؟ خشي أن تكون قد خطفت من قبل عصابة تجارية، لم يأخذونها وهي مريضة؟ من هم؟ ومن أين جاؤوا؟ وماذا يريدون منه بفعل ذلك؟ ماذا سيستفيدون؟

-"غريد!!".

قاطع شباك أفكاره صوت شاب هادل دخل إلى منزله هاتفا فالتفت إليه ليجده (نيثان فن)، شاب عشريني أبيض البشرة أسود الشعر، ذو بنية صحيحة، ليس متينا أو هزيلا، يرتدي كنزة زرقاء بأكمام ورقبة طويلة بينما يغطيه معطف أسود خفيف، صاح باسم المهرج وأتبع بينما يتقدم ناحيته:
-"أخيرا عدت، لقد نقلت آنجيليكا للعيادة، اعذرني على كسر قفل منزلك، لكنني سمعت بكاءها حين كنت في طريقي للعمل فخشيت أن حالتها الصحية قد تدهورت".

تحدث بهدوء بينما يتحسس رقبته ليرمش المهرج (غريد نورثان) بعينيه لثوان غير مستوعب قبل أن تخور قوى ساقيه فيتشبث بالباب مانعا سقوطه.

-"هيه! رويدك أيها المهرج!".
أسرع (نيثان) بمساندته مستهجنا، ليجيب (غريد) وكادت الدموع أن تتفجر من عينيه:
-"ظننتني فقدتها..".

ابتسم (نيثان) بخفة وزال استهجانه ليجيب بسكينة:
-"لا بأس، إنها نائمة الآن، تعال لتراها".

تمالك (غريد) نفسه بعد إجابة صاحبه (نيثان) رغم فارق السن فابتعد عنه وابدى امتنانه:
-"شكرا لك".

انزعج الشاب (نيثان) وعقد حاجيبه رافضا رسمية المهرج أمامه:
-"ما الذي تقوله؟ إنها بمثابة شقيقتي!".

رسم (غريد) ابتسامة على ثغرة المطلي بالأحمر معلنا ارتياح قلبه ليخرج الإثنان من المنزل ويسيرا في الزقاق حتى وصلا لساحة مربعة مكشوفة تراصت فيها المحال التجارية ذات اللوحات المتصدئة، وتزاحمت فيها الأكشاك المغبرة، متنوعين من بائع خضرة ذابلة لمصلح أجهزة ودراجات هوائية إلى صاحب مخيطة أو كشك صحف ومجلات قديمة.

الجميع كان منشغلا بجمع قوت يومه ووجود مهرج بينهم لم يكن مستغربا؛ فهنالك الكثير أمثاله، وغيره كراقصات في الحانات وفرق استعراضية جوالة تجول في مناطق القسم الشرقي وتؤدي عروضها في مسارح متنقلة.

دخل كل من المهرج (غريد) و(نيثان) إلى إحدى الأزقة التي خرجت من أعلى إحدى جدرانها لافتة كهربائية تومض تارة وتطفئ أخرى مع غروب الشمس، خط عليها بأسلاك النيون: "عيادة بيكسل الصحية".

بعد أن أدلف المهرج للعيادة واطمأن قلبه على حالة صغيرته (آنجيليكا) ذات الست أعوام -والتي كانت تنام براحة على السرير الوحيد الطبي في العيادة أجمع-، سأل صاحبه الشاب (نيثان) والذي انشغل بترتيب بعض الأدوية التي تكاد تنفذ:
-"أخبرني بصراحة فن.. كم تبقى لها من وقت؟".

رمى المهرج سؤاله وعقد حاجبيه متوجسا من تلقي الإجابة، لتأتيه تنهيدة من (نيثان) والذي فرك شعره تباعا وزفر:
-"تعلم.. هي بحاجة لعملية جراحية لإصلاح التواء أمعاءها في أسرع وقت..".

قال جملته بابتسامة خفيفة يخفي خلفها شعوره بالعجز واقترب من الفتاة ليتأمل ملامحها الحليبية النائمة ويمسد شعرها البندقي ذي الخصل المذهبة، وأتبع مردفا:
-"لو فقط أستطيع دخول الجامعة..".

شعر المهرج الأربعيني (غريد) بغصة في جملة هذا الشاب، فلطالما أخبره أنه يحلم بدراسة الطب وافتتاح مستشفى كبير في المنطقة الشرقية، لكن من أين له بالعلم والمال في حين أن الجامعات في القسم الغربي مفتوحة فقط لذوي الطبقة السوداء؟ كل ما يستطيع فعله هو العمل كمساعد طبيب في هذه العيادة البسيطة..

-"هل سمعت عن كرنفال ذي وايتيرز؟".

جاءه سؤال (نيثان) دون النظر إليه ليرفع (غريد) رأسه مستفهما من سؤاله المفاجئ وواصل (نيثان) حديثه بينما يعود لأدويته:
-"هل تعتقد أنه خبر صحيح؟".

-"لقد علمت بالأمر أيضا؟".

سأل (غريد) بينما يتبعه بأنظاره أينما راح، ليضيق المسؤول عسليتيه بتقرف من حاله وحال ذويه:
-"الخبر على كل لسان والملصقات تغطي جميع الأزقة، كيف لي ألا أعلم!".

استشعر (غريد) غضبا في نبرته فرد عليه معيدا له السؤال:
-"ماذا تعتقد؟".

-"بالتأكيد حقيقي، لاتنسى أن صاحب الكرنفال هو جوردان الجرذ.. لن يبالي بصرف بليار دولار لسماع نكتة بينما العديد يعاني هنا، على كل هذا لايهم، المهم الآن، أنت ستشارك صحيح؟".

زفر (نيثان) في نهاية كلامه معيدا بذلك نبرته للهادئة بعد أن استشعر هيجان دمائه وانتهى من ترتيب الأدوية ليأتبه جواب (غريد) صادما:
-"لا أدري.. أعني ما الذي سأقدمه لأربح البليون؟ لست سوى مهرج بسيط".

جحظت عسليتي (نيثان) ورفع وجهه مستهجنا ليرد بينما يشير نحو (آنجيليكا):
-"وماذا عنها؟ كيف ستهتم بعلاجها غريد! هل المهرجون أغبياء هكذا دوما! إنها بليون! على الأقل حاول، ظننتك يتكون متلهفا للأمر!" .

تتابعت جمل (نيثان) مصدوما وشيء من الغضب نبض داخله ليستشيط المهرج غضبا فيقف مزمجرا بينما تختلط ملامحه الغاضبة مع ابتسامته البهلوانية لتعطي شكلا أرعب الشاب أمامه:
-"احترم نفسك فن! هل تعتقد أنني أقول ذلك بسبب ضعف أو خوف! إنه المنطق، ماذا عساي أن أقدم أنا المهرج الأبيض من القسم الشرقي لمؤسس لاس الغربي الأسود؟! هل تعتقد أنني لا أريد البليون؟ لا أهتم بابنتي؟ لقد تجاوزت حدودك يافتى!".

صرخ واتجه نحوه لينتشله من ياقة كنتزته وتتضارب أنفاسه الثائرة في وجه، بينما عينيه المكتحلتين وحاجيبه المرسومين يشتعلان غضبا.

تناقلت عسليتي الشاب بين عيني هذا المعرج الهائج مستغربا ثورانه المفاجئ ليتسوعب (غريد) موقفه وأنه يجب أن يهدئ فدفع ب(نيثان) بعيدا ليصطدم بالحائط ونزع أنفه وشعره المستعار ليقبض عليهما بينما يخرج من العيادة وملامحه الغاضبة مختلطة بقناعه الطحيني الباسم.

تبعه (نيثان) بعينيه المتوسعتين في حين لازال متفاجئا من انفجاره وقد أحس بشيء من تأنيب الضمير فما قاله وقاحة منه وقلة ذوق لكنه زفر بحنق لرفضه المشاركة في الكرنفال وضرب مكتب طبيبه الغائب صارخا:
-"لكن إذا لم تفعل فما الحل إذا؟! هل أذهب عنك مثلا!".
سأل بيأس فلو كان يستطيع المشاركة لتقدم دون تفكير حتى، لكن هذا مستحيل..

في الزقاق الضيق المؤدي لمنزل (غريد) وصل المهرج لعتبة بيته فضرب بابه ودخل، عفش بيته كان كما هو، لم يقتحمه أحد المسولين لحسن الحظ.

فقط غرفة معيشة ضيقة لا تحتوي إلا على ثلاجة صغيرة، خزانة أواني منزلية، موقد بجانبه أنبوبة غاز، ومغسلة تسرب الماء وضع تحتها دلو صغير يجمعه، كل ذلك أحاط بالمائدة الخشبية القديمة وسط هذه الغرفة ذات الجدران المتقشرة وباب مفتوح يؤدي لغرفة نوم ابنته.

طرق الباب خلفه ورمى أنفه وشعره المنفوش على الطاولة بغضب عارم ليتقدم ناحية المغسلة بغية التخلص من مستحضرات التجميل التي تشبعت بها مسامات وجهه.

تأمل وجهه في المرآة ونظر في عينيه البنيتين المكتحلتين، كان هنالك حزن عميق يلمع فيهما، ينفي ابتسامته الحمراء العريضة، يوجد دمع محتبس في محاجره لكن لا أحد يشعر به، الجميع ينظر لتلك الابتسامة ويسعدون بها غير مهتمين لما هو مكنون في النفوس.

ضرب الجدار جانب المرآة بقوة وفكر فيما لو أن تلك البليون كانت معه، فيما لو أنه يعيش في القسم الغربي وله شركته الخاصة وزوجته لاتزال إلى جانبه تطبخ طعام الغداء كل يوم بينما ابنته تلعب بالعرائس مع صديقات حقيقيات وتنعم بالصحة والعافية.

عقد حاجبيه لمجرد التفكير في الأمر، شعر كما لو أنه يرتكب جرما عظيما لفعل ذلك، كما لو أنه من غير المسموح له حتى الحلم بهذا اليوم، لكن الإحساس بذلك، كان عظيما..

هز رأسه معيدا بذلك القوة لروحه المهشمة وأغرق وجهه بالماء، مرة، وأخرى، وثالثة، حتى زال القناع عن وجهه وعاد ليتأمله في المرآة.

لم يكن يبتسم، لم يكن أبيض مضيء، هو فقط أب في الأربعين، ذي بشرة قمحية أهلكتها مواد التجميل وشعر بني عادي، بعينين حزينتين أحاطتهما قليل من تجاعيد العمر.

ابتسم لنفسه بخفة عاقدا حاجبيه كأنه يرحب بها من جديد، وراح ينزع ملابسه المنفوخة عنه ليخرج بجسده عاري الصدر منها. تأمله وكان هزيلا، استعاد ما قاله (نيثان) فاشتعلت نيران الغضب مرة أخرى وهاج ليصرخ ويضرب المرآة محطما إياها، ذلك الشاب لا يعرف أي شيء مما مر فيه، لا يعلم أي شيء وفوق ذلك نعته ووظيفته بالغبي..

كاد يتلبسه الجنون لشدة غضبه وهنا عقد العزم على المشاركة في الكرنفال..

○《الفصل الثاني|انتهى》○

______________

مرحبا جميعا!

أولا الساعة الآن 11:01 صباحا حسب توقيت الرياض
وأنا لم أنم بعد!!

ثانيا لاتدققوا على الحركات والإملاء فأنا اكتب من جهازي اللوحي للمرة الثانية وبسرعة شديدة!

الاشتعال في الفصل القادم حتممما أو ربما بعده أو بعدهXD
-تأجل لأن فن ظهر فجأة ؛-؛-

هل أعجبكم الفصل؟ والوصف؟
هنا عانيت قليلا كي أجعله بسيطا واتبع نفس نمط الفصل الأول
فلدي عقدة السرد المفصل!

ما رأيكم بشأن نيثان فن ؟ هل وصفه جيد، متناقض، ناقص، مبهم؟

وغريد نورثان؟

بالمناسبة غريد -الغين والراء والياء جميعها مكسورة :)-
وفن -الفاء فيها مكسورة-

-سأذههههب للنوووم الآن-

تمسون على خير 😩

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen2U.Pro